التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أوراق وأشتات في الضّمير المتّصل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وبعد:
فهذه ورقاتٌ أضعها حول الضمير المتصل، أتناول فيها أشكاله ومواقعه الإعرابية بحسب ما يتصل به من أقسام الكلمة العربية الثلاثة: الاسم والفعل والحرف.
وطريقتي في العرض اعتمدت على:
-         الحديث عن الضمير المتصل من خلال اعتماد أصول ثمانية، باعتبار التفرقة بين فروع كل أصل إنما هي في الحركة أو بحروف أخرى مشتركة في كثير من هذه الأصول لتمييز الجنس والعدد، مثل: الهاء: فالمثنّى المذكر والمؤنث (لهما)، وجمع الذكور (لهم) والإناث (لهنّ)، والكاف: المثنّى (لكما) وجمع الذكور (لكم) والإناث (لكنّ) فيُلاحظ أنّ (ما) دلّت على المثنّى، وميم(كم) جمع الذكور ونون(كنّ) للإناث، وهكذا مما سيتضح أثناء العرض، ولا يكفي اعتمادي هذا الرأي في جعل الضمير المتصل في ثمانية أصول، بل القضية تحتاج إلى مطالعة مقارنة بين العربية وأخواتها في الأسرة السامية، مما ليس مجاله في هذا المقام، وكتاب الضمائر السالف فيه حديث حول هذا.
-         قدمت لكل ضمير أصل بمجموعة من المعلومات العامّة من حيث الكلمات التي يتصل بها، والمواقع الإعرابية التي تترتب على ذلك الاتصال، والدلالة على أحوال الضمائر (تكلم- خطاب- غيبة) وإضافة بعض الملاحظات بحسب ما رأيته مناسباً لكل ضمير أصل، ثم أعقبت ذلك بالأمثلة التي توضح الاتصال ودلالته وموقعه الإعرابي، وأخيراً الأسئلة الإثرائية، التي أهدف من خلالها إلى توسيع أفق التعامل مع الضمير المتصل إلى أبعد من مجرّد كونه كلمة ولها موقع إعرابي، مساهماً في ترسيخ فهم ما يتعلق بالضمير من عدة جوانب.
-         ربما يلاحظ القارئ أن بعض الأسئلة الإثرائية لم أتطرق إليها في التمهيد، كما أنني لم أطرح أسئلة عن بعض ما شرح في التمهيد والأمثلة، فقد عمدت إلى هذه الطريقة لجعل الصورة تتكامل مع كل تقدم في القراءة، فيكون في الأسئلة إضافة جديدة، والسبب هو سعيي إلى جذب الاهتمام وتحفيز العقل للتفكير من أجل الوصول إلى الفكرة بشكل يؤكد الفهم ويعين على تمثلها بصورة قوية دائمة.

وأشير إلى طلابنا الأعزاء أن هذا الموضوع يحتاج إلى ممارسة تطبيقية من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وعيون الشعر العربي والأمثال، وهذا يعني ضرورة توظيف هذه الأفكار عملياً في نصوص المهارات التي يدرسها الطلاب إلى جانب القواعد العامّة. 
الحمد لله ربّ العالمين
الدّكتور/ عبدالكريم اعقيلان



الموضوع منشور في كتاب
دار جليس الزّمان للنّشر والتّوزيع - عمّان/ الأردن


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القبائل الّتي يُحتجّ بلغتها في أصول العربيّة

بقلم: الدكتور عبدالكريم اعقيلان عناصر الموضوع: - سبب تحديد القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها. - تحديد القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها. - تداخل عنصريّ الزّمان والمكان في الاحتجاج اللّغويّ. - تحديد القبائل الّتي لم يُحتجّ بلغاتها. المراجع: - الفارابي : الألفاظ والحروف - السيوطي : الاقتراح - السيوطيّ: المزهر - ابن جنّي: الخصائص - محمّد عبده فلفل: اللّغة الشّعريّة عند النّحاة - مصطفى الرّافعيّ: تاريخ آداب العرب ***** أولاً: سبب تحديد القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها: تدخل قضيّة القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها في أصول اللّغة من كونها المستند الّذي يعتمده اللّغويّون في تقعيد اللّغة، أو وضع القاعدة اللّغويّة، والكلام المُتداول هو المسرح الّذي استمدّ منه اللّغويّون شواهدهم اللّغويّة، وهو مساحةٌ كبيرة من شرائح المجتمع، الّذي تدور اللّغة في فلكه، وتنشأ في أحضانه. وقد كان السّبب الرّئيس لتحديد هذه القبائل مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بخدمة القرآن الكريم، وهو الكتاب المبين الّذي نزل بلسان العرب ولغتهم، وقد ترتّب على هذا الأمر أن يحرص اللّغويّون على اختيار المستوى ال...

نبذة مختصرة في علم البيان

بقلم  الدّكتور/ ضياء الدّين الحموز جاء الدرس البلاغيّ عند القدماء مدفوعاً برغبة معرفة دقائق اللغة العربيّة، وأسرارها، والكشف عن وجوه الإعجاز في نظم القرآن الكريم وصولاً إلى قوانين تمكنهم من الوقوف على مقاصد الشارع الحكيم، وتمكنهم من محاكاة أسلوب النظم القرآني المعجز، وقد انقسم الدرس البلاغيّ عندهم إلى ثلاثة أقسامٍ أساسيّة، هي: البيان، والمعاني، والبديع، وحديثنا في هذه الورقات مختصّ بالبيان.  يبحث علم البيان في وسائل التصوير الفنّي، وأهمّها : التشبيه، والكناية والاستعارة، ويقيم هذا العلم حتى وقت متأخّرٍ من الدراسات البلاغيّة القديمة فواصل بين هذه الأنواع الثّلاثة، وقد باتت هذه الأصول الثّلاثة- إن صحّ التعبير- تدخل في إطار ما يعرف الآن بـ (الصّورة الشّعريّة) أو (اللّوحة الفنّيّة).  ويمكن الوصول إلى البيان العربيّ من خلال مؤلفات الأقدمين الذين أثروا المكتبة العربيّة بذخائر الأدب والثقافة والعلوم اللّغويّة، ومن أشهر المؤلفات البلاغية التي عنيت بالبيان العربي قديماً: - البيان والتبيين : الجاحظ 255هـ. - البديع: عبدالله بن المعتزّ 296هـ.  - نقد الشّعر: قدامة بن جعفر 337هـ...

مقدّمة الجاحظ في كتاب الحيوان- عرض وتقديم

بسم الله الرّحمن الرّحيم  بقلم الدكتور عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان   عمرو بن بحر الجاحظ، ومن لا يعرف أبا عثمان؟ هل يعيبه أنه نشأ يبيع الخبز، والسمك بنهر سيحان؟ أم لأنه أعجمي الأصل وينافح عن العربية؟ مالذي عابوه على هذا الرجل، حتى يقفوا أمامه يتعرضون لما يكتب، ويؤلف، وينشر؟  لن أدافع عنه…  بل في سيرة حياة هذا الرجل ما يقطع قول كل حكيم. وماذا أقول فيمن أخذ عن علماء اللغة، أصولها، فبرع فيها، حتى إنك لا تكاد تجد مؤلفاً في اللغة، إلا وفيه رأيٌ للجاحظ، أو شاهد؟. وهو الذي لم يكن يقع في يديه كتابٌ، إلا ويقرأه من أوله إلى آخره. بل لقد كان يكتري دكاكين الوراقين، يبيت فيها للقراءة، والنظر. وما هذه الكتب التي يقرأها؟ فيها من كل ما ترجم عن ثقافات الفرس، والهند، واليونان. ولم تكن ثقافة العرب ودينها، عنه ببعيدان.  لن أدافع عنه…  فلهذا الرجل لسانه، الذي نافح به عن العربية، في وجه الشعوبية، دفاعاً، لن تجد من أهل العربية، أنفسهم، من يدافع مثله. وهو الذي قال:" كلام العرب بديهة وارتجال، وكأنه إلهام".  لن أدافع عنه…  وهل هو بحاجةٍ إلى من يدافع عنه؟ وقد كان معتزلي الف...