بقلم | د. عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان 
يكشف مفهوم الاشتراك الصرفي عن طبيعة التفاعل بين الشكل والمعنى في اللغة العربية، إذ لا يمكن النظر إلى البنية الصرفية على أنها قالبٌ جامد تُصبّ فيه المعاني صبًّا، بل هي نسق حيّ، تتحرك فيه الصيغ وتتبدّل وظائفها بحسب المقام الذي ترد فيه، فالصرف في جوهره ليس علمًا يقتصر على ضبط الأبنية وتحليل اشتقاقها، وإنما هو مجال دلاليّ أيضًا، يُسهم في بناء المعنى وتوجيهه ضمن النظام العام للغة، والبنية في العربية لا تعمل بوصفها مجرد وزنٍ صوتيٍّ ذي وظيفة محددة، بل تؤدي دورًا توليديًّا يُتيح للغة أن تعبّر عن طيفٍ واسعٍ من الدلالات، دون أن تخرج عن حدود النظام.
إنّ الاشتراك البنيوي – حيثُ تتعدد المعاني في البنية الصّرفية الواحدة – والاشتراك الدلالي – حيث تتعدد البنى الصّرفيّة الدّالة على معنى واحد – هما وجهان متكاملان لآليّة واحدة يقوم عليها النظام العربي في توليد الدلالة، ففي اشتراك البنية الصّرفيّة تتجلّى مرونتها، إذ تستطيع أن تُعبّر عن معانٍ متقاربة أو متباينة بحسب السياق، كما في بنية (فعّال) التي تدلّ تارة على المبالغة، وتارة على الاسم المنسوب، أما في اشتراك عدّة بنى صرفيّة في معنًى صرفيّ واحد، فيُظهر غنى النظام الاشتقاقي الذي يسمح لأكثر من بناء أن يؤدي المعنى نفسه، كما في اشتراك (فُعْل) و(مفعول) في الدّلالة على اسم المفعول، فالتعدد هنا ليس اضطرابًا في الدلالة، بل هو توسّع في طاقة التعبير، ينظمه السياق ويضبطه المقام التداولي، ومن ثَمّ يمكن القول إنّ العربية لا تعرف الجمود في أبنيتها، بل تتيح للمبنى أن يتحرك وفق مقتضيات المعنى، دون أن يفقد صلته بأصله الصرفي أو موقعه في السّياق.
 
يكشف مفهوم الاشتراك الصرفي عن طبيعة التفاعل بين الشكل والمعنى في اللغة العربية، إذ لا يمكن النظر إلى البنية الصرفية على أنها قالبٌ جامد تُصبّ فيه المعاني صبًّا، بل هي نسق حيّ، تتحرك فيه الصيغ وتتبدّل وظائفها بحسب المقام الذي ترد فيه، فالصرف في جوهره ليس علمًا يقتصر على ضبط الأبنية وتحليل اشتقاقها، وإنما هو مجال دلاليّ أيضًا، يُسهم في بناء المعنى وتوجيهه ضمن النظام العام للغة، والبنية في العربية لا تعمل بوصفها مجرد وزنٍ صوتيٍّ ذي وظيفة محددة، بل تؤدي دورًا توليديًّا يُتيح للغة أن تعبّر عن طيفٍ واسعٍ من الدلالات، دون أن تخرج عن حدود النظام.
إنّ الاشتراك البنيوي – حيثُ تتعدد المعاني في البنية الصّرفية الواحدة – والاشتراك الدلالي – حيث تتعدد البنى الصّرفيّة الدّالة على معنى واحد – هما وجهان متكاملان لآليّة واحدة يقوم عليها النظام العربي في توليد الدلالة، ففي اشتراك البنية الصّرفيّة تتجلّى مرونتها، إذ تستطيع أن تُعبّر عن معانٍ متقاربة أو متباينة بحسب السياق، كما في بنية (فعّال) التي تدلّ تارة على المبالغة، وتارة على الاسم المنسوب، أما في اشتراك عدّة بنى صرفيّة في معنًى صرفيّ واحد، فيُظهر غنى النظام الاشتقاقي الذي يسمح لأكثر من بناء أن يؤدي المعنى نفسه، كما في اشتراك (فُعْل) و(مفعول) في الدّلالة على اسم المفعول، فالتعدد هنا ليس اضطرابًا في الدلالة، بل هو توسّع في طاقة التعبير، ينظمه السياق ويضبطه المقام التداولي، ومن ثَمّ يمكن القول إنّ العربية لا تعرف الجمود في أبنيتها، بل تتيح للمبنى أن يتحرك وفق مقتضيات المعنى، دون أن يفقد صلته بأصله الصرفي أو موقعه في السّياق.
إذن! المعنى لا ينفصل عن الصيغة، كما أنّ الصيغة لا تكتمل إلا بالمعنى وظاهرة الاشتراك الصرفي تُبرز التفاعل بين الصّرف والدّلالة اللّغويّة، فالوزن يحدد الإطار العام للدلالة، لكن السياق هو الذي يمنحها خصوصيتها، وهي بذلك تعبّر عن ميل اللغة العربية إلى الاقتصاد في الوسائل مع الاتساع في الغايات، إذ يمكن لبنية واحدة أن تؤدي أكثر من وظيفة، ويمكن لأكثر من بنية أن تلتقي عند وظيفةٍ واحدة، دون أن يحدث اللّبس أو اضطراب المعنى. 
وإذا أُسقط هذا التحليل على المستوى الدلالي، اتضح أن ما يجري في الصرف يجري في المعجم أيضًا، فالعلاقة بين الاشتراك البنيوي والاشتراك الدلالي في الصرف تقابل العلاقة بين المشترك اللفظي والترادف في الدلالة، فكما أن المشترك اللفظي يقوم على وحدة اللفظ وتعدد المعاني، كذلك الاشتراك البنيوي يقوم على وحدة البنية وتعدد الوظائف، وكما أن الترادف يقوم على تعدد الألفاظ لمعنى واحد، كذلك الاشتراك الدلالي يقوم على تعدد الأبنية لوظيفة صرفية واحدة، وهذه المقابلة ليست تماثلًا تامًّا، لكنها تكشف عن وحدةٍ في آلية التفكير اللغوي العربي، الذي يعيد إنتاج الظواهر في مستوياته المختلفة على نسقٍ واحدٍ من التوازن بين الوحدة والتعدد.
وليس المقصود من الاشتراك الصرفي التكرار أو الازدواج، بل التوليد، أي قدرة البنية على إنتاج الدلالة وفق حاجات السياق، فحين تتعدد الأوزان لمعنى واحد، فإنّ ذلك يدلّ على دقّة الحسّ العربي في التفريق بين درجات المعنى أو ظلاله، كما في الفرق بين (ضارب) و(مضروب) و(ضرّاب)؛ وحين تتعدد المعاني في بناءٍ واحد، فإنّ ذلك يشير إلى وعيٍ بالاقتصاد اللغوي، حيث يكفي المتكلم أن يغيّر موقع الكلمة في السياق ليتحوّل معناها، دون حاجة إلى صيغة جديدة، فالمشترك البنيوي والدلالي في جوهرهما ليسا سوى آليتين من آليات توليد المعنى، تعملان في انسجامٍ تامٍّ داخل النسق الصرفي، وتعبّران عن طاقة اللغة في استيعاب الواقع والتعبير عنه بدقةٍ متناهية.
وقد أسهمت الدراسات اللسانية الحديثة في توضيح هذا البعد التوليدي، ولا سيما حين نظرت إلى اللغة بوصفها شبكةً من المستويات المتفاعلة، لا كياناتٍ منفصلة، فالبنية الصوتيّة تؤثر في الصّرف، والصّرف يؤثّر في النّحو، والدّلالة تتولّد من هذا التفاعل المستمر بين المستويات، ومن هذا المنطلق، لا يمكن دراسة الصرف في عزلةٍ عن الدلالة؛ لأن البنية في ذاتها لا معنى لها إلا بما تؤديه من وظيفةٍ في السياق، وهنا تظهر قيمة الاشتراك الصرفي، إذ يُبرز مدى الانسجام بين النّظام البنيويّ والنّظام الدلاليّ في العربية، ويؤكّد أن العلاقة بينهما علاقة جدليّة يتبادلان فيها التأثر والتّأثير.
ومن خلال هذا التحليل يمكن القول إنّ إعادة النظر في مفهوم الاشتراك الصرفي، من زاويةٍ دلاليةٍ تداولية، تفتح أفقًا جديدًا لفهم اللغة العربية، إذ تجعلنا ندرك أن الأوزان ليست رموزًا جامدة، فكل بناءٍ صرفيٍّ يحمل في داخله بذرةً دلاليةً يمكن أن تنمو وتتنوع حسب السّياق والمقام، واللغة في هذا السياق ليست نظامًا مغلقًا بل كيانٌ متطوّر، ومن هنا تبرز أهمية إعادة تأصيل العلاقة بين الاشتراك الصرفي والظواهر الدّلالية الأخرى؛ لأن كليهما ينهض على مبدأٍ واحدٍ هو توليد المعنى من خلال التّنوع، فالبنية لا تكرّر نفسها عبثًا، والمعنى لا يتشتّت في فراغٍ من الألفاظ.
وإذا أُسقط هذا التحليل على المستوى الدلالي، اتضح أن ما يجري في الصرف يجري في المعجم أيضًا، فالعلاقة بين الاشتراك البنيوي والاشتراك الدلالي في الصرف تقابل العلاقة بين المشترك اللفظي والترادف في الدلالة، فكما أن المشترك اللفظي يقوم على وحدة اللفظ وتعدد المعاني، كذلك الاشتراك البنيوي يقوم على وحدة البنية وتعدد الوظائف، وكما أن الترادف يقوم على تعدد الألفاظ لمعنى واحد، كذلك الاشتراك الدلالي يقوم على تعدد الأبنية لوظيفة صرفية واحدة، وهذه المقابلة ليست تماثلًا تامًّا، لكنها تكشف عن وحدةٍ في آلية التفكير اللغوي العربي، الذي يعيد إنتاج الظواهر في مستوياته المختلفة على نسقٍ واحدٍ من التوازن بين الوحدة والتعدد.
وليس المقصود من الاشتراك الصرفي التكرار أو الازدواج، بل التوليد، أي قدرة البنية على إنتاج الدلالة وفق حاجات السياق، فحين تتعدد الأوزان لمعنى واحد، فإنّ ذلك يدلّ على دقّة الحسّ العربي في التفريق بين درجات المعنى أو ظلاله، كما في الفرق بين (ضارب) و(مضروب) و(ضرّاب)؛ وحين تتعدد المعاني في بناءٍ واحد، فإنّ ذلك يشير إلى وعيٍ بالاقتصاد اللغوي، حيث يكفي المتكلم أن يغيّر موقع الكلمة في السياق ليتحوّل معناها، دون حاجة إلى صيغة جديدة، فالمشترك البنيوي والدلالي في جوهرهما ليسا سوى آليتين من آليات توليد المعنى، تعملان في انسجامٍ تامٍّ داخل النسق الصرفي، وتعبّران عن طاقة اللغة في استيعاب الواقع والتعبير عنه بدقةٍ متناهية.
وقد أسهمت الدراسات اللسانية الحديثة في توضيح هذا البعد التوليدي، ولا سيما حين نظرت إلى اللغة بوصفها شبكةً من المستويات المتفاعلة، لا كياناتٍ منفصلة، فالبنية الصوتيّة تؤثر في الصّرف، والصّرف يؤثّر في النّحو، والدّلالة تتولّد من هذا التفاعل المستمر بين المستويات، ومن هذا المنطلق، لا يمكن دراسة الصرف في عزلةٍ عن الدلالة؛ لأن البنية في ذاتها لا معنى لها إلا بما تؤديه من وظيفةٍ في السياق، وهنا تظهر قيمة الاشتراك الصرفي، إذ يُبرز مدى الانسجام بين النّظام البنيويّ والنّظام الدلاليّ في العربية، ويؤكّد أن العلاقة بينهما علاقة جدليّة يتبادلان فيها التأثر والتّأثير.
ومن خلال هذا التحليل يمكن القول إنّ إعادة النظر في مفهوم الاشتراك الصرفي، من زاويةٍ دلاليةٍ تداولية، تفتح أفقًا جديدًا لفهم اللغة العربية، إذ تجعلنا ندرك أن الأوزان ليست رموزًا جامدة، فكل بناءٍ صرفيٍّ يحمل في داخله بذرةً دلاليةً يمكن أن تنمو وتتنوع حسب السّياق والمقام، واللغة في هذا السياق ليست نظامًا مغلقًا بل كيانٌ متطوّر، ومن هنا تبرز أهمية إعادة تأصيل العلاقة بين الاشتراك الصرفي والظواهر الدّلالية الأخرى؛ لأن كليهما ينهض على مبدأٍ واحدٍ هو توليد المعنى من خلال التّنوع، فالبنية لا تكرّر نفسها عبثًا، والمعنى لا يتشتّت في فراغٍ من الألفاظ.
تعليقات
إرسال تعليق