التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

ألنا مدارس بلاغيّة؟

بقلم/ الدكتور عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان قد تكون صيغة السّؤال الوارد في العنوان مسموعةً من قبل، فقد طُرح مثله في شأن المدارس النّحويّة، كما فعل (إبراهيم السّامرائيّ) في بحثه الموسوم بـِ (ألنا مدارس نحويّة؟)، إذ أشار إلى أنّ تسمية المدرسة هي مقابلةٌ للمذهب والطريقة، وهذه التسميات هي التي كانت شائعة عند الأوائل.  وأمّا في شأن علم البلاغة، فالنّظر إلى تاريخ هذا العلم، يُظهِرُ أنّ موضوعاته قد كانت محلّ نظرٍ لدى صنوف العلماء إذ وظّفوها في خدمة الأغراض الخاصّة بكلّ منهم، فتناولها النّحويّون والمعجميّون والمتكلّمون والنّقاد، وهذا يعني أنّ لكلّ منهم مذهبه وطريقته، ولكن! هل يصحُّ أن نطلق على توظيف تلك الاتّجاهات تسمية (المذاهب) أو (المدارس) في تناولها للبلاغة؟ وقبل الإجابة عن هذا التّساؤل، ينبغي النّظر في منهجيّة تناول تلك الاتّجاهات للبلاغة، والأغراض التي وُظّفت البلاغة فيها عندهم.  بلاغة النّحاة شكّلت العلاقة بين البلاغة والنّحو صورةً تكامليّة برزت في ما يُسمّى (معاني النّحو)، وحضرت البلاغة في كثيرٍ من المسائل التي تناولها النّحاة، بل إنّ مرجعيّة نشأة هذا العلم تُنسب إلى النّحاة، فق...

فقه اللّغة عند ابن فارس والثّعالبيّ – أبعاده ومفهومه

فقه اللّغة عند ابن فارس والثّعالبيّ – أبعاده ومفهومه  بقلم/ الدّكتور عبد الكريم عبد القادر اعقيلان  يُعدّ مفهوم (فقه اللغة) من المفاهيم الأساسيّة في الدّراسات اللّغويّة، وقبل تعريف هذا المفهوم، يسترعي الانتباه مجموعة من المؤلّفات التي عُنونت به لتشكّل مصطلحًا يعتلي صفحات الكتب، ومن أشهر المؤلّفات القديمة الصّريحة في هذا الباب: كتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، لابن فارس (395هـ)، وكتاب فقه اللغة وسر العربية، لأبي منصور الثّعالبيّ (429هـ)، وسأعرض لهذين المؤلّفين مبيّنًا أبعاد فقه اللّغة بحسب ما أورده كلٌّ منهما في كتابه، وصولاً إلى تحديد المقصود من فقه اللّغة وفق رؤية كلّ منهما.  الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، لابن فارس (395هـ)  جمع ابن فارس في هذا الكتاب جملة من المسائل اللّغوية، يُمكن تصنيفها كالآتي:  أوّلاً: الفلسفة اللّغويّة  فقد تناول مجموعة من المسائل التي تندرج تحت ما يُمكن وصفه بالفلسفة اللّغويّة، كالحديث عن نشأة اللّغة، ورأيه في أنّها توقيفيّة، وما ذهب به إلى تفضيل العربيّة على سائر اللّغات،...

مدخل إلى القراءات القرآنيّة

بقلم الدكتور/ عبد الكريم اعقيلان   أوّلاً: مع المصطلح – تعريف عام   المعنى اللّغويّ:  القراءات جمع قراءة، وهي مصدر من الفعل الثّلاثيّ (قرأ)، والقراءة ضمّ الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في النّطق ( [1] ).  المعنى الاصطلاحيّ:  هي مذهبٌ يذهبُ إليه إمامٌ من أئمّة القرّاء مخالفٌ به غيره في النّطق بالقرآن الكريم، مع اتّفاق الرّوايات والطّرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها ( [2] ).  وقد ظهر من هذا التّعريف أقسامٌ لإسناد القرآن الكريم وهي أربعة بيّنها السّيوطيّ كما يأتي ( [3] ):  1. القراءة: تُعتمد كقراءة إذا اتّفقت عليها الرّوايات والطّرق واختلف أحدُ الأئمّة القرّاء.  2. الرّواية: إذا كان الخلاف للرّاوي  3. الطّريق: إذا كان الخلاف ممّا دون الإمام القارئ أو الرّاوي  4. الوجه: ما كان التّخيير حاصلاً للقارء فيه.  ثانيًا: نشأة علم القراءات  تُشير كتبُ علوم القرآن وكتبُ التّراجم والسّير إلى أنّ نشأة علم القراءات كما نلاحظه الآن، يعودُ إلى عهد عثمان بن عفّان – رضي الله عنه – وليس معنى ذلك أنّ القراءات...

إلى القمّة... نظريّة في التّميّز (ما لم يقله ماسلو)

بقلم الدّكتور/ عبدالكريم اعقيلان   يختلف مفهوم التّميّز باختلاف الزوايا التي يُنظرُ إليه منها، فقد يُنظر إليه من باب الخير، كما يُنظرُ إليه من باب الشّر، وهو يملك تأثيرًا يتعدّى إلى سلسلة من الاحتياجات الإنسانيّة التي تمنح الإنسان شعورًا بالرّضى عن الذّات أو تحقيق الذّات... بالنّظر إلى (ماسلو) في نظريّة الاحتياجات الإنسانيّة التي قدّمها لتوصيف المؤثّرات التي تصل بالإنسان إلى تحقيق ذاته، فإنّ من وراء نظريّته كلامًا آخر لم يقله، ووجهًا آخر لتحقيق الذّات لم يُرسي دعائمه، ولعل ما فاته يقودُ إلى تغيير مفهوم (تحقيق الذّات) الذي جعله في هرم تلك الاحتياجات... حدّد (ماسلو) الاحتياجات الإنسانيّة في المعالم الآتية: -         الحاجة الفسيولوجيّة -         الحاجة إلى الأمان -         الحاجة الاجتماعيّة -         الحاجة إلى التّقدير -         تحقيق الذّات وقد ربط الوصول إلى توفير حاجةٍ من تلك الحاجات بضرورة تح...

إصدارات - كتاب (مهارات التّواصل باللّغة العربيّة - نصوص وقواعد)

بفضل الله تعالى، صدرت الطبعة الأولى من كتاب مهارات التّواصل باللّغة العربيّة – نصوص وقواعد الدكتور عبد الكريم عبد القادر اعقيلان معلومات الناشر: دار جليس الزّمان للنشر والتّوزيع عمّان/ المملكة الأردنيّة الهاشميّة هاتف : 0096265343052  فاكس : 0096265356219  البريد الإلكترونيّ: dar.jaleesalzaman@yahoo.com dar.jaleesalzaman@hotmail.com   يمكنكم طلب النّسخة من دار النشر على العناوين المذكورة

داهمنا الوقت ...

بقلم/ الدكتور عبدالكريم اعقيلان إنّه زمنٌ محدود... زمنٌ تفوقُ حدودُه الآفاقَ بحركةٍ دائبة، تتداخل فيها الأماكنُ والأحداثُ بصورةٍ دراميّة بَطُلَها ذلك الإنسانُ الذي يحاول أن يُمسكَ بزمامه، لكنّه سُرعانَ ما يُدركُ عدم جدوى إيقافه؛ لأنّ إيقافه يعني خروجه من هذه الحياة... يقود هذا الإدراكُ الإنسانَ إلى مسابقة الزّمن ومواكبة التّغيّرات، ليوجد لنفسه مكانًا مستقرًّا في المضمون لا في الشّكل؛ ذلك أنّ الاستقرار الشّكليّ لا يعني التّقدّم أو التّطوّر، بل هو الوهم الذي يَغُرُّ الإنسانَ ويبثُّ فيه روح التّراخي، في حين أنّ الاستقرار في المضمون هو الاستقرار الحقيقيّ لما يشتمل عليه من إنتاجٍ وثمارٍ تُلمَسُ آثارها فائدةً تعود بالنّفع على واقعه ومستقبله... إنّ بروز الشّيب في الرأس يمكن إخفاؤه بأروع الصّبغات التي تُعيد للشّعر رونقه... وتجاعيد الوجه يمكن إزالتها بأحدث عمليّات التّجميل التي تُعيد له نضارته... ولكنّ هذه العلاجات لا تُعيدُ للإنسان أيّامَه التي تمضي... وعمرَه الذي ينقضي... ولا تستطيع تغيير تاريخ ميلاده، فضلاً عن إطالة عمره المسطّر في الكتاب المكنون... إنّه غنيمةٌ... الشّباب يتحوّل هرمًا... و...

قراءة في قصيدة (ألؤلؤٌ دمعُ هذا الغيث أم نُقَطُ؟) - لـ ابن هانئ الأندلسي

بقلم/ الدكتور عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان تعريف بالشاعر ( [1] ) :     هو أبو قاسم، محمد بن هانئ بن محمد الأزدي. ولد في قرية "سكون" في "إشبيلية"، عام ثلاثمئة وعشرين للهجرة. يتصل نسبه بسلالة المهلب بن أبي صفرة، القائد الإسلامي المشهور، في دولة بني أمية.    استفاد من فترة حكم الناصر، بين عامي ثلاثمئة، وثلاثمئة وخمسين هجرية، في رفع مستواه الثقافي، والاطلاع على المعارف والعلوم، لما شهدته هذه الفترة من ازدهار في هذا الجانب.    كان معتقده شيعياً، يتشيع للفاطميين، ويؤيدهم بروحه وبقلبه وبلسانه. وكان هذا سبباً لوقوعه تحت وطأة اضطهاد المجتمع الأندلسي، وخاصة، في إشبيلية، حتى كادوا يفتكون به، لولا مكانه من أميرها. ولعل اتهامه بانتمائه لمذهب الفلاسفة كان سعياً للقضاء عليه؛ لأن الوطن الأندلسي لم يكن يسمح لصاحب الفلسفة أن يعيش سالماً فيه، فإما أن يقتل وإما أن يهاجر، أو يتوب. ولا ينفي هذا أن يكون ابن هانئ، في الحقيقة، من أتباع هذا المذهب، ففي شعره بعض الإشارات التي وجدت عند أتباع مثل هذه المذاهب.      اتصل ابن هانئ بالمعز، في القيروان، عاصمة الخلافة ا...