التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اللص والكلاب-المضمون بعيداً عن الجانب الفنّي - قراءة عكسية لسرد الرواية

بقلم: الدكتور عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان


تدور أحداث هذه الرواية حول شخصية اسمها (سعيد مهران). وهو ابن لـِ(العم مهران) الذي كان يعمل بواباً لعمارة يسكنها طلبة جامعيون، وتدخل شخصية (رؤوف علوان) في حياة (سعيد مهران) من كونه يسكن في عمارة الطلبة، التي يعمل والد (سعيد) وهو (مهران) حارساً على بابها. وكان (رؤوف) يُظهرُ اهتماماً بـ(سعيد) في كل فرصة تسنح له. فعندما توفي أبوه، تدخل ليسهل توظيف (سعيد) بواباً محل أبيه. وعندما مرضت (أم سعيد) وضاق بهم العيش، اضطر (سعيد) إلى سرقة أحد الطلاب النازلين في العمارة فتدخل (رؤوف) وسوى المسألة بلا مضاعفات. وكان هو الذي حث (العم مهران) على تعليم (سعيد). 
وأهم تأثير بدر من (رؤوف) تجاه (سعيد) نشأ بعد عملية السرقة الأولى في تاريخه. فقد أقنعه بأن السرقة يجب أن تكون منظمة لكي تجني أفضل الأرباح، وتقلل من مخاطر ملاحقة القضاء والبوليس. ومن هنا تبدأ العلاقة بين الاثنين. 
ويدخل على ساحة حياة (سعيد) كل من: (نبوية) التي كانت تعمل خادمة في منزل سيدة تركية، وقد أحبها (سعيد) وكان يراقبها عندما كانت تأتي لتشتري من دكان (البقال) الذي تقع دكانه أمام عمارة الطلبة. فيتزوجها وينجب منها طفلة أسماها(سناء). 
وهناك (عليش سدرة) الذي يعد الصديق الأمين لـ(سعيد) وكان يأتمر بأمره في كل شيء، ولا يخرج عن طوعه. إذ يرتب (رؤوف علوان) العلاقة بينه وبين الثلاثة: (سعيد) (نبوية) (عليش). وتكون مهمتهم سرقة بيوت الأغنياء، (رؤوف) هو الذي يحدد هذه البيوت. والعمل يتم من خلال قيام (نبوية) بدخول منازل الأغنياء على أنها خادمة، فتتعرف على مداخل البيوت ومواطن إخفاء المواد الثمينة، ليأتي بعد ذلك (سعيد) فيدخل وكأن معه خارطة طريق دقيقة. 
وبعد إحدى السرقات- كما يُفهم من الرواية- يلقى القبض على (سعيد) وكأن الأمر فيه خيانة من (نبوية)؛ لأنها بعد إصدار الحكم على (سعيد) بالسجن أربع سنوات، تطلب منه الطلاق فيعلم فيما بعد، أنها تزوجت من (عليش سدرة). 
وتمر الأيام ليخرج (سعيد) من السجن، وكل أمله في أمرين: الحصول على ابنته (سناء) والانتقام من (عليش)؛ لما أقدم عليه من خيانة، وكان مترددا في الانتقام من (نبوية)، فيحصل على عنوان (رؤوف علوان) من دليل الهاتف فيذهب إليه في كرنيش النيل ليجد حاله حال الأغنياء، يعيش في قصر. فيطلب منه المساعدة، في الحصول على وظيفة في جريدة الزهرة التي يعمل فيها (رؤوف) كاتبَ مقالٍ، فيعتذر منه معللاً ذلك بأنه لا يصلح لعمل الجريدة، ويعطيه عشرة جنيهات، ثم يعده بزيارة أخرى. فما لبث أن جنّ الليل حتى تسلل (سعيد) إلى بيت (رؤوف) ليجد صاحب القصر له بالمرصاد وكأنه كان يعلم بعودته بهذه الطريقة. فيتركه متوعداً إياه بإبلاغ البوليس إن كرر هذا الفعل.
ويعيش (سعيد) بعد ذلك في صراع نفسي يدعوه إلى الانتقام من الخونة، الذين ألقوه في السجن، وتخلوا عنه وباعوه بلا ثمن. فيذهب إلى (المعلم طرزان) صاحب قهوة يعرفه من قديم، فيحصل منه على مسدس، ويقدم على محاولة قتل (عليش) فتقع الرصاصة في شخص آخر اسمه (حسين شعبان) كان قد سكن في مكان (عليش) الذي رحل خوفاً من انتقام (سعيد). ويحوّل الانتقام بتركيز على (رؤوف) ولا يفلح أيضاً حيث يقتل بدلاً منه أحد حراس القصر. 
وفي هذه الأثناء يتردد (سعيد) على مكانين آمنين خوفاً من البوليس، هما: موضع (الشيخ علي الجنيدي) أحد شيوخ الطرق الصوفية، الذي تعرف عليه على زمن والده. والموضع الثاني منزل (نور) بائعة الهوى التي كانت تهيم في (سعيد) من زمن بعيد، لكنه لم يكن يعيرها اهتماماً. 
وفي دائرة الصراع النفسي، وضغوط الصحافة التي كان (رؤوف) يؤجج الرأي العام من خلالها ضد (سعيد)، وملاحقة البوليس لـ(سعيد) في كل مكان، واختفاء (نور) بلا سبب، كانت نفسه تميل به بين جانب الإصرار على الانتقام، وجانب الاستسلام بعد الفشل في تحقيق شيء مع من خانوه. 
وفي أثناء ذلك يفاجئ (سعيد) في أحد الأيام وهو في المقبرة، ليجد نفسه محاصراً من البوليس، وبعد مواجهة خفية بالرصاص لأول وهلة، ثم سكوت للمواجهة، ومساومات البوليس له بالاستسلام، يقدم (سعيد مهران) نفسه مستسلماً بلا مبالاة. فتنتهي الرواية بذلك. 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القبائل الّتي يُحتجّ بلغتها في أصول العربيّة

بقلم: الدكتور عبدالكريم اعقيلان عناصر الموضوع: - سبب تحديد القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها. - تحديد القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها. - تداخل عنصريّ الزّمان والمكان في الاحتجاج اللّغويّ. - تحديد القبائل الّتي لم يُحتجّ بلغاتها. المراجع: - الفارابي : الألفاظ والحروف - السيوطي : الاقتراح - السيوطيّ: المزهر - ابن جنّي: الخصائص - محمّد عبده فلفل: اللّغة الشّعريّة عند النّحاة - مصطفى الرّافعيّ: تاريخ آداب العرب ***** أولاً: سبب تحديد القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها: تدخل قضيّة القبائل الّتي يُحتجّ بلغاتها في أصول اللّغة من كونها المستند الّذي يعتمده اللّغويّون في تقعيد اللّغة، أو وضع القاعدة اللّغويّة، والكلام المُتداول هو المسرح الّذي استمدّ منه اللّغويّون شواهدهم اللّغويّة، وهو مساحةٌ كبيرة من شرائح المجتمع، الّذي تدور اللّغة في فلكه، وتنشأ في أحضانه. وقد كان السّبب الرّئيس لتحديد هذه القبائل مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بخدمة القرآن الكريم، وهو الكتاب المبين الّذي نزل بلسان العرب ولغتهم، وقد ترتّب على هذا الأمر أن يحرص اللّغويّون على اختيار المستوى ال...

نبذة مختصرة في علم البيان

بقلم  الدّكتور/ ضياء الدّين الحموز جاء الدرس البلاغيّ عند القدماء مدفوعاً برغبة معرفة دقائق اللغة العربيّة، وأسرارها، والكشف عن وجوه الإعجاز في نظم القرآن الكريم وصولاً إلى قوانين تمكنهم من الوقوف على مقاصد الشارع الحكيم، وتمكنهم من محاكاة أسلوب النظم القرآني المعجز، وقد انقسم الدرس البلاغيّ عندهم إلى ثلاثة أقسامٍ أساسيّة، هي: البيان، والمعاني، والبديع، وحديثنا في هذه الورقات مختصّ بالبيان.  يبحث علم البيان في وسائل التصوير الفنّي، وأهمّها : التشبيه، والكناية والاستعارة، ويقيم هذا العلم حتى وقت متأخّرٍ من الدراسات البلاغيّة القديمة فواصل بين هذه الأنواع الثّلاثة، وقد باتت هذه الأصول الثّلاثة- إن صحّ التعبير- تدخل في إطار ما يعرف الآن بـ (الصّورة الشّعريّة) أو (اللّوحة الفنّيّة).  ويمكن الوصول إلى البيان العربيّ من خلال مؤلفات الأقدمين الذين أثروا المكتبة العربيّة بذخائر الأدب والثقافة والعلوم اللّغويّة، ومن أشهر المؤلفات البلاغية التي عنيت بالبيان العربي قديماً: - البيان والتبيين : الجاحظ 255هـ. - البديع: عبدالله بن المعتزّ 296هـ.  - نقد الشّعر: قدامة بن جعفر 337هـ...

مقدّمة الجاحظ في كتاب الحيوان- عرض وتقديم

بسم الله الرّحمن الرّحيم  بقلم الدكتور عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان   عمرو بن بحر الجاحظ، ومن لا يعرف أبا عثمان؟ هل يعيبه أنه نشأ يبيع الخبز، والسمك بنهر سيحان؟ أم لأنه أعجمي الأصل وينافح عن العربية؟ مالذي عابوه على هذا الرجل، حتى يقفوا أمامه يتعرضون لما يكتب، ويؤلف، وينشر؟  لن أدافع عنه…  بل في سيرة حياة هذا الرجل ما يقطع قول كل حكيم. وماذا أقول فيمن أخذ عن علماء اللغة، أصولها، فبرع فيها، حتى إنك لا تكاد تجد مؤلفاً في اللغة، إلا وفيه رأيٌ للجاحظ، أو شاهد؟. وهو الذي لم يكن يقع في يديه كتابٌ، إلا ويقرأه من أوله إلى آخره. بل لقد كان يكتري دكاكين الوراقين، يبيت فيها للقراءة، والنظر. وما هذه الكتب التي يقرأها؟ فيها من كل ما ترجم عن ثقافات الفرس، والهند، واليونان. ولم تكن ثقافة العرب ودينها، عنه ببعيدان.  لن أدافع عنه…  فلهذا الرجل لسانه، الذي نافح به عن العربية، في وجه الشعوبية، دفاعاً، لن تجد من أهل العربية، أنفسهم، من يدافع مثله. وهو الذي قال:" كلام العرب بديهة وارتجال، وكأنه إلهام".  لن أدافع عنه…  وهل هو بحاجةٍ إلى من يدافع عنه؟ وقد كان معتزلي الف...