مدونة عُكاظ مدونة عُكاظ
recent

أحدث المشاركات

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

مراحل النمو عند الإنسان


 لخّصه/ د. عبدالكريم عبدالقادر اعقيلان
تمهيد:
  

يسود اعتقاد بين العاملين في ميدان التربية وعلم النفس مفاده، أن معرفة بعض مفاهيم النموالأساسية تشكل عاملاً هاماً من عوامل فهم سلوك المتعلم في الأوضاع التربوية المختلفة؛ لأن العملية التعليمية-التعلمية- مسعى معقد، يتطلب معرفة "كيف يحدث التعلم؟" و" كيف يرتبط بعمليات النمو الجسدي والنفسي والمعرفي؟". والوقوف على هذة المعرفة يمكن المربين من تنظيم عملية التعليم على نحو يعزز النمو السوي، ويعمل على تطوير شخصية صحية متكاملة.
 تعريف النمو:
   النمو هو شبكة معقدة من النضج والتعلم، ويشير إلى كافة التغيرات السلوكية التي تنجم عن تفاعل هذين العاملين. وتشمل هذة التغيرات الجوانب الآتية:
-       الجوانب المعرفية.
-       الجوانب اللغوية.
-       الجوانب النفسية. وغيرها.
طرق دراسة النمو:
-       الطريقة القديمة:
   وفيها يقوم علماء النفس بملاحظة وتسجيل مظاهر النمو المختلفة لاكتشاف معاييره من الطفولة المبكرة وحتى الرشد. وتسجل هذة الملاحظات في جداول يمكن الرجوع إليها للتعرف ما إذا كانت بعض الأنماط السلوكية سوية أو شاذة.
-       الطريقة الحديثة:
   تعتمد على المنهج التجريبي الذي يهدف إلى دراسة المتغيرات المؤثرة في السلوك. وركز العلماء على دراسة مشكلات النمو المعرفي واكتساب اللغة وتشكيل السلوك والانتباه والإثارة في مرحلة الطفولة المبكرة، وغيرها من المشكلات المتعلقة بعملية التعلم.
   ومن أساليب هذة الطريقة الجديدة:
1.    الدراسات الطولية:
   حيث يتابع الباحث مجموعة من الأفراد لفترة زمنية طويلة تتجاوز العشر سنوات- أحياناً- للوقوف على التغيرات السلوكية التي تطرأ على هؤلاء الأفراد. ويتم قياس هذة التغيرات خلال فترات زمنية محددة. ومن فوائد هذة الطريقة تقديم معلومات دقيقة؛ لأنها تتناول الأفراد أنفسهم في فترة زمنية طويلة، إلا أنها تتطلب الكثير من المال والجهد.
2.    الدراسات العرضية:
   تتناول هذة الدراسات مجموعات من الأفراد في مراحل عمرية مختلفة، ويخضعون لاختبارات ومقاييس واحدة في الوقت نفسه؛ لتبيان الفروق التي يمكن اعتبارها مطبقة للسنّ. ويؤخذ على هذة الدراسات أنها وإن وفرت وقتاً وجهداً كبيرين، إلا أنها لا تقدم معلومات دقيقة؛ لأننا لا نستطيع التنبؤ بأن سلوك "ابن الرابعة" الحالي سيغدو بعد ثلاث سنوات كسلوك "ابن السابعة" الحالي.

الفترة الحرجة في النمو:
   هي الفترة التي يتسارع فيها تطور بعض العمليات النفسية، وتكون العضوية فيها شديدة الحساسية، وعرضة للتأثر السريع بالمثيرات البيئية. فإذا لم تستثر العضوية في هذة الفترة، أو أثيرت بشكل غير مناسب، فقد تفقد القدرة على اكتساب الخبرات التي يجب أن تكسبها أثناء تلك الفترة، أو قد يتباطأ معدل سرعة اكتسابها لها، الأمر الذي يؤثر سلبياً في فترات النمو اللاحقة.
   وتشكل السنوات الخمس الأولى لدى الطفل فترة حرجة بالنسبة لنموه العقلي. ويرى علماء النفس أن الطفل يواجه عددا من الفترات الحرجة أو الأزمات أثناء نموه، وقد يواجه بعض المشكلات النفسية والسلوكية ما لم يتغلب عليها في حينها. فالسنة الأولى من حياة الطفل، مثلاً، تمثل فترة حرجة بالنسبة لتكوين الثقة بالآخرين.
   ويعتبر مفهوم الفترة الحرجة من المفاهيم الهامة التي يجب على المربي أن يأخذه بالحسبان؛ لما ينطوي عليه من تضمينات ذات صلة وثيقة بالعملية التربوية. فتزويد الطفل بالمثيرات المناسبة في فترات نموه المختلفة، سواءً كانت هذة الفترات حرجة أم لا، يساعد الطفل على تحقيق نمو سوي، وهذا هو أهم الأهداف التي تنشدها التربية.
 مراحل النمو:
-       مفهوم المرحلة في النمو:
   تشير المرحلة إلى مجموعة الظواهر والأنماط السلوكية التي تقترن معاً أثناء حدوثها، بحيث يمكن تصنيفها منطقياً، وعزوها إلى مرحلة نمو معينة، فتحددها وتميزها عن غيرها من المراحل، كالأنماط السلوكية الخاصة بمرحلة الطفولة المبكرة أو المتأخرة أو الخاصة بمرحلة المراهقة، أو غيرها.
-       الإنسان ومراحل النمو:
   نمو الكائن الإنساني يتضمن خاصيتي الاستمرار وعدم الاستمرار. فهو يجري على نحو مستمر عبر مراحل محددة، بحيث تتزامن خصائص النمو المستمر وخصائص النمو المرحلي في الحدوث. فالكائن البشري يحافظ على شكله العام وهويته(نمو مستمر) كما يمر في الوقت نفسه بمراحل مختلفة تطرأ خلالها تغيرات حادة على أنماط سلوكه المختلفة(نمو غير مستمر).
النمو المعرفي
- تعريفه: هو تقدم الإنسان في أساليب تفكيره، وطرق معرفته بالعالم المحيط به(نمو الفكر).
- نظريات النمو المعرفي(واحدة فقط):
 نظرية بياجيه(أشهر النظريات):
يرى بياجيه أن نظريات النمو المعرفي تأخذ في حسبانها أربعة جوانب أساسية، هي: النضج الحيوي، والتفاعل مع الطبيعة، والتفاعل مع المجتمع، والتوازن(التنسيق بين العوامل). ويعتبر بياجيه المرحلة بأنه نظام متسلسل وثابت بحيث لا يصل الإنسان إلى مرحلة من مراحل النمو دون المرور بالمرحلة السابقة، ويتطلب النمو والنضج هذا الانتقال بالإضافة إلى الخبرة التي تؤهل الفرد لعملية الانتقال، وتجعل انتقاله ممكناً، وصحياً.
مراحل النمو المعرفي عند بياجيه:
أ‌- المرحلة الحسية الحركية: 
- تمتد هذة المرحلة من الولادة وحتى نهاية السنة الثانية تقريباً. ويحدث التعلم فيها بشكل رئيس عبر الإحساسات والأفعال والمعالجات اليدوية.
- أهم خصائصها:
1. يحدث التفكير بصورة رئيسة عبر الأفعال.
2. تتحسن عملية التآزر الحسي الحركي.
3. يتحسن تناسق الاستجابات الحركية.
4. يتطور الوعي بالذات.
5. تتطور فكرة ثبات أو بقاء الأشياء.
6. تبدأ عملية اكتساب اللغة. 
ب‌- مرحلة ما قبل العمليات(العمليات العقلية): 
- تقع هذة المرحلة بين نهاية السنة الثانية والسنة السابعة.
- وهي مرحلة انتقالية غير مفهومة- على رأي بياجيه- لأنها لا تتسم بمستوى ثابت وواضح من حيث النمو المعرفي، على الرغم من تطور العديد من المظاهر المعرفية أثناءها.
- أهم خصائص النمو المعرفي فيها: 
1. ازدياد النمو اللغوي واتساع استخدام الرموز اللغوية.
2. سيادة حالة التمركز حول الذات.
3.البدء بتكوين المفاهيم وتصنيف الأشياء.
4. الفشل في التفكير في أكثر من بعد أو طريقة واحدة.
5. يتقدم الإدراك البصري على التفكير المنطقي.
  ج- مرحلة العمليات المادية:
- يستخدم بياجيه مصطلح العمليات لوصف الأعمال أو النشاطات العقلية التي تشكل منظومة معرفية وثيقة.
- تمتد هذة الفترة من السنة السابعة وحتى الحادية عشرة.
- أهم خصائص هذة المرحلة: 1. الانتقال من اللغة المتمركزة حول الذات إلى اللغة ذات الطابع الاجتماعي.
2. يحدث التفكير المنطقي عبر استخدام الأشياء والموضوعات المادية الملموسة.
3. يتطور مفهوم "المقلوبية"، وهو:" المفهوم الذي يمكنه من إدراك العلاقات المنطقية التي تسم عملياته المعرفية".
4. تطور مفهوم "البقاء"، وهو:" المبدأ الذي يشير إلى أن تحويل شكل الأشياء وتغييره لا يغير كمية المادة التي تتضمنها الكتلة".
5. تتطور عمليات التفكير في اكثر من طريقة أو بعد واحد.
6. تتطور عمليات التجميع والتصنيف وتكوين المفاهيم.
7. فشل التفكير في الاحتمالات المستقبلية دون خبرة مباشرة بالموضوعات المادية. 
د- مرحلة العمليات المجردة:
- تمتد من عمر أحد عشر عاماً وحتى الرابعة عشر.
- أهم ما يميزها أن الفرد فيها يستطيع البحث عن الأشياء والموضوعات المادية الملموسة والخبرات المباشرة بها، والتي تحدد عملياته في المرحلة السابقة، فالأشياء لم تعد موجودة في العالم الخارجي فقط، بل هي موجودة في عقله، أيضاً. فهو يفكر على نحو مجرد، ويصل إلى النتائج المنطقية دون الرجوع إلى الأشياء المادية أو الخبرات المباشرة. 
أهمية نظرية بياجيه من الوجهة التربوية:
1. تساعد المعلم في عملية وضع الأهداف السلوكية التي يتوقع أداءها من الطفل في مرحلة ما.
2. تساعد في توفير البيئة النشطة التي يستطيع الطفل بها الوصول إلى التوازن الذي يبحث عنه- برأي بياجيه.
3. تساعد واضعي المناهج الدراسية على اختيار المناسب وما يتفق مع العمليات العقلية لأطفال المراحل التعليمية المختلفة.
4. تساعد في عملية وضع المقاييس والاختبارات التي تقيس المستوى المعرفي لكل مرحلة من مراحل النمو عند الطفل.
النمو اللغوي
- تعريفه: هو تقدم الإنسان في استخدام نظام من الرموز أو الحروف المنطوقة للتواصل مع البيئة التي تحيط به والبحث وتحصيل المعرفة (اجتهاد شخصي). 
- علاقته بالنمو المعرفي: علاقة النمو اللغوي بالنمو المعرفي هي علاقة اللغة بالفكر. فاللغة بمفهومها الخاص(عبارات منطوقة) تعتبر وعاءً للفكر الذي يقدمه عقل الإنسان. فعندما كان الفرد في مراحله الأولى يبحث فكرياً عن طريق حواس اللمس والذوق والشم والسمع في عمليات اختبار للمثيرات من حوله، فإنه مع تقدم نموه لا يلبث أن يحل النظام الرمزي اللغوي تدريجياً محل طرق المعرفة ما قبل اللفظية، حيث يغدو الطفل قادراً على تمييز وفهم كلام الآخرين،أي: يبدأ باكتساب اللغة، تزامناً مع اكتساب المعرفة.
-     مراحل النمو اللغوي:
مصدر الصورة هنا
كان تقسيم المختصين لمراحل النمو اللغوي يعتمد على عدد الكلمات التي يستطيع الطفل انتاجها أثناء نموه اللغوي، كأن يكون قادراً على إنتاج كلمة واحدة أو كلمتين، أو أكثر من كلمتين.
مرحلة الكلمة الواحدة:
- تبدأ في مستهل السنة الثانية من حياة الطفل.
- حصيلته في الربع الأول من هذة السنة حوالي "خمسين كلمة".
- معظم هذة الكلمات تتكون من أسماء تشير إلى أشياء واقعية موجودة في بيئة الطفل، مثل: الكلمات الدالة على الملابس والطعام والشراب والألعاب، وأفعال تشير إلى العمل مثل: راح وأكل ولعب وسبح.
- يسمي الطفل الأشياء عن طريق الفعل والعمل المترافق عادة مع الشعور الانفعالي، لأن الكلمة الواحدة في هذة المرحلة تعبر عن فكرة معقدة يحتاج الراشد فيها إلى جملة أو أكثر للتعبير عنها. فعندما يصرخ الطفل وهو ينطق بكلمة"آكل"، فهو يعبر عن: جوعه، حاجته إلى الطعام، فكأنه يريد أن يقول:"أريد أن آكل".
- سمات كلمات هذة المرحلة بما يلي:
1. صيغة الأمر. نحو: روح، كل ، العب، … .فهو بقوله :"روح" لمن يخاطبه ينقل رغبته في الخروج من المنزل، وفي قولها لنفسه فإنه يقصد الانتقال من غرفة إلى غرفة داخل المنزل.
2. ظاهرة التعميم الزائد. فقد ستخدم الطفل كلمة "كرة" للإشارة إلى الأشياء الكروية أو المستديرة جميعها. أو كلمة"سيارة" لكل شيء متحرك. وهكذا. وسبب هذة الظاهرة هو عدم قدرة الطفل على التمييز وإدراك الخصائص الأساسية التي تميز السن. وتبدأ ظاهرة التعميم الزائد بالزوال عندما يعرف الطفل أن للأشياء المختلفة أسماء مختلفة.

مرحلة الكلمتين:
- تبدأ من منتصف السنة الثانية(تقدم لغوي ومعرفي ما بين سنتين وسنتين ونصف) .
- يستطيع الطفل فيها وصل كلمتين مع بعضهما للتعبير عن صيغة النسبة أو الملكية. كأن يقول:" باب سيارة" للدلالة على سيارة أبيه، أو " سيارة ضاع" للدلالة على ضياع السيارة.
- يستخدم الطفل بعض الكلمات الأساسية للتعبير عن التباينات النوعية أو الكمية للأشياء. مثل: "أكثر أكل" "أكثر لعب" للدلالة على المزيد من الطعام واللعب.
- يكتسب الطفل مفهوم السلب او النفي للإشارة إلى عدم الوجود. ويشعرون بقدرتهم على التأثير في البيئة.
مرحلة الأكثر من كلمتين :
- تبدأ عندما يستطيع الطفل الوصل بين أكثر من كلمتين، كأن يستخدم جملاً مؤلفة من ثلاث كلمات، أو أكثر كسلسلة للتعبير عن فكرة ما.
- يستطبع الطفل أن يقوم بتصريف الكلمات حسب : العدد ، الجنس(مذكر ومؤنث)، الزمن(ماض، مضارع، مستقبل).
- تشير هذة القدرة من الطفل إلى أمرين:
1. بدء مرحلة نمو لغوي جديدة.
2. نمو القدرة العقلية للطفل.
- تتبدى عنده قدرة ابتكارية في استخدام اللغة، بين السنة الثانية والسنة الخامسة، من عمره.، ثم تبدأ بالزوال بعد هذا السن، لتصبح اللغة أكثر تطابقاً مع النمط اللغوي الراشدي السائد في بيئته.
- يستمر نموه اللغوي لسنوات عديدة بعد هذة المرحلة.
النمو اللغوي والتعليم المدرسي
   تشير الدلائل إلى أن انخفاض المستوى التحصيلي عند الكثير من الأطفال يعود أساسه إلى صعوبات لغوية ناشئة عن عوامل شخصية واجتماعية معينة. وتبين كذلك إلى الأداء اللغوي  للطفل يتأثر بعدة أمور:
- اللغة المجتمعية.
 - الموضوع.
- الوضع الاجتماعي. 
 - الوضع الثقافي للأسرة.
- الانتباه. - التذكر.
- التأني والاندفاع. - وغيرها.
   وتشير كثير من الدراسات إلى أن التعليم المدرسي يلعب دوراً هاماً في تعزيز النمو اللغوي للأطفال، وبخاصة في مرحلة الدراسة الإبتدائية وما قبل المدرسية. ويحتل المعلم بحكم مهامه مركزاً يمكنه من تحسين أداء تلاميذه اللغوي، وبخاصة إذا آمن أن الفروق الفردية في مجال هذا الأداء تعود إلى عوامل بيئية، وليس إلى عوامل وراثية، واتبع بعض الأساليب الخاصة أثناء أداء واجبه المهني، كاستخدام الحوار، والمناقشة، وتوضيح القواعد اللغوية المجددة وتعزيز سمة التأني، وتزويد تلاميذه ببعض القرائن التي تساعدهم على التذكر، وإزالة مصادر القلق والتوتر التي تصاحب عمليات التواصل لتشجيع الأطفال على التعبير عن أنفسهم بحرية وطلاقة.
تمّ بحمد الله
مصدر الصورة هنا


التعليقات



يمكنك مراسلتنا بالضغط على شعار المايكروفون أو من أيقونة راسلنا في أعلى الصفحة ...

اتصل بنا

الزّوار

جميع الحقوق محفوظة

مدونة عُكاظ

2023